الخميس، 13 مايو 2010

رسالة اعتذار ................ولكن...


وصلت إلى بيتها لائهة الأنفاس ، شاردة الصواب، يتصبب العرق من جبينها رغم الصقيع الذي يملأ الأجواء. تنتفض من داخلها كأنها هاربة من خطر داهم. ودلفت إلى حجرتها دون أن يشعر بها أي كائن بالبيت فكان الجميع لا يزالون نائمون في فراشهم ولم يشعر أحد بخروجها أو دلوفها إلى المنزل مرة أخرى. فارتمت في فراشها وأخذت تنتفض من فرط النحيب. وظلت في فراشها أياماً عديدة لا يهنأ لها عيش ولا حياة، فكان يسمع صدى بكائها في جوف الليل حتى ينهكها السهر والبكاء فتلقي برأسها على وسادتها فتغوص في نوم عميق يصحبه حرقة قلب
وأصابتها الحمى وكادت تقضي عليها لأنها كانت تشعر براحة الضمير من ناحية أبيها وزوجة الحبيب ولكنها تشعر أيضاً بتأنيب الضمير من ناحيته وبما ارتكتبه في حقه وحق قلبها
وظلت على هذه الحالة أسابيع عديدة.....
وفجأة وجدت نفسها تمسك بقلمها وتخط بعض السطور قائلة....

( أحياناً ينغلق صدري على خباياه ، وتنطوي أحشائي على أحزاني، وتلزم شفتاي الصمت ....وأحياناً أخرى لم أعد أحتمل السكون... أنطلق صارخة من الجوى وأشعر بأن ناراً تلتهم قلبي... لو خرجت منه ستحرق كل ما حولي .... هذه حياتي في البعد عنك.
أعلم أن صدي قد آلمك، وتحولي عنك قد أوجع نفسك، وما فعلته بك قد عصر قلبك اعتصاراً.
وأعلم أيضاً أنني قد أدميت قلبك وجرحته وبدئتك بالهجران وتلاشيت حبك وحطمت كبريائك ووضعت في نفسك مرارة الخيبة وألم الحسرة والفراق
فلا تحسب أني في بعدك أحيا... فبعدك عني قد أضرم في نفسي نار الشوق ولهيب الوله.
فقد حطمتني الحمى ونهكت قواي حتى كدت أظن أنه لم يبقى من حياتي إلا فلول الشفق الأحمر قد أخذت تنحدر أمام عيني.
لقد زججت بنفسي بمنتهى العنف في منابع الضياع والآلام وأوجد الفراق في نفسي غصة ولوعة.
كنت أعتقد أني بذلك أنقذك من حبي وأنقذ نفسي من حبك ولكنني بت نفس معذبة مرهقة يستقر الجوى في حناياها وتتأجج النار بداخلها ينساني النسيان في البعد عنك.
فإن هذه الذكرى لي معك تقطع نياط قلبي وتتوج أيامي بالمر والحنضل
فقد شملت نفسي ظلمة حالكة وإني أحس بالفؤاد جمرة متأججة كائنة في نفسي وكامنه في قلبي.
لقد غرست جذور حبك في فؤادي وإلى الآن مازالت أوراقه نضرة ولكنها يائسة وحزينة وتحيا بلا أمل.
ولا أستطيع أن أهرب من طيفك الذي قد ملك عليا نفسي ،فقد أضناني الحنين وطول الشوق واللهفة...
وعندما أتذكر كلماتك تتملكني اللوعة ويحتويني الشجن ... فقد كنت أضم عليك الحنايا والقلب قد خلا لك أنت وحدك تتربع فيه دون شريك أو منازع.
وأعلم أنه لم ولن تجرفني سيول السعادة والهناء مع رجل سواك
ولكني...
أستحلفك بكل دقة دقها قلبك من أجل حبي
أستحلفك بكل لحظات هوانا أن تسامحني ولا تبغضني
فقد تراجعت من على حافة هاوية كانت ستودي بنا
فلم أريد أن تستهويني معك أذقة مظلمة قد كدت أن أنعطف معك وأخوض ظلماتها وأتخبط في منحنياتها ومنعطفاتها

واستحلفك بالله أن تنساني فأنا أريد أن تضمحل ذكراي في قلبك
وسوف يمر بك الزمن الذي يحمل في طياته بلسم النسيان ودواء للجراح الدامية.

ولا أستطيع أن أخفي عليك أني أعيش في راحة الضمير التي يشوبها التعاسة والحزن والألم.)

ونزلت من عينيها العبرات تتوالى وهي تطبق رسالتها وترسلها مع خادمتها إلى مكتب البريد....